بيان صادر عن رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة
المتفرغين في الجامعة اللبنانية د. يوسف ضاهر
يأسف رئيس الهيئة التنفيذية للتصريح الذي صدر عن مسؤول كبير في الدولة حول أساتذة الجامعة اللبنانية. ويستذكر فضائل الرئيس الشهيد رفيق الحريري على الجامعة اللبنانية بشراً وحجراً حيث أن حكوماته أقرت صندوق تعاضد الأساتذة وشيدت مجمع الشهيد رفيق الحريري في الحدث وأقرت سلسلة الرتب والرواتب في العام ١٩٩٨ وغيرها من الإنجازات.
ليس غريباً أن يكون الأساتذة في حالة غضب كبير من هذه الطريقة المذلة بالتعاطي معهم ومع الجامعة. فبدلاً من تعزيز الجامعة الوطنية التي تشكل أحد أهم ركائز الكيان اللبناني وركائز وحدته واقتصاده وتراثه الحديث وثقافته، نراهم يمعنون تهميشا وتحقيرا بها وبأهلها.
المعيب ليس الإضراب الذي أعلن بالوسائل الديمقراطية دفاعا عن الجامعة وأهلها بعد تحذيرات دامت أكثر من سنة. وهل معيب على الدكتور والبروفيسور أن يدافع عن حقه وحق جامعته؟
المعيب هو جهل أو تجاهل قضايا الجامعة ومعاناتها. مثلا إن عدد طلاب الجامعة ليس ٢٠٠ ألف ولا ١٠٠ ألف. فهو ليس بالرقم الذي يزاد أو ينقص كما في مناقصة أو جردة حساب.
المعيب هو حملات بعض المسؤولين الكاذبة والأضاليل بحق الأساتذة والجامعة والمشوهة لحقيقة مأساتها.
المعيب هو عدم استقبال رابطة الأساتذة المنتخبة ديمقراطيا، لمناقشتها هموم وهواجس ومعاناة الجامعة والأساتذة والطلاب. وفي هذا ازدراء لهم وللجامعة وكل أهلها وللعمل النقابي بشكل عام.
المعيب هو ضرب استقلالية الجامعة والتدخلات السياسية والطائفية بشؤونها وتحويلها إلى مكتب خدمات وتوظيف، ثم وضع الملامة عليها.
المعيب هو وضع موازنة ترقيعية تمعن في تعميق أزمة الجامعة اللبنانية وتضرب ركائز الوطن الأساسية المتمثلة بالجيش والقضاء والجامعة.
المعيب هو النظر إلى الجامعة من خلال الموازنة وكأنها صفقة خاسرة يجب التخلي عنها ونسيانها.
المعيب هو القول بأنهم لا يفهمون لماذا يضرب الأساتذة بعد مرور شهر على الإضراب، وبأنه لم يتم المس بحقوقهم وحقوق جامعة الوطن.
وللتذكير فقط نورد التدابير التالية المجحفة بحق الجامعة:
1. عدم إعطاء الجامعة موازنة كافية منذ عدة سنوات. وخاصة منذ سنتين تحديدا عندما حجب عنها المبلغ الذي رتبته عليها مفاعيل قانون السلسلة ٤٦/٢٠١٧ الذي زاد من رواتب ومستحقات موظفي ومدربي الجامعة والضمان الاجتماعي وأكلاف المسائل التشغيلية وحقوق الأساتذة بتحكيم الأطاريح واللجان الفاحصة وغيرها. إن النقص في موازنة الجامعة يقدر بأربعين مليار للعام ٢٠١٨ ونفس المبلغ للعام ٢٠١٩. ولقد قامت الجامعة بتدبير أمورها على حساب المختبرات والأبحاث والصيانات ومنح المتفوقين والمؤتمرات العلمية وغيرها. ولقد تبين من مشروع قانون الموازنة العامة للعام ٢٠١٩ بأنه تم اقتطاع مبلغ ٣٧ مليار من موازنة الجامعة (صفحة ٧١٤).
2. الاقتطاع من معاش الأستاذ المتقاعد بمبلغ سنوي يفوق راتب شهر بكامله عبر ضريبة الدخل المستحدثة والتي تطال كذلك راتب الأستاذ خلال خدمته. (المادتين ٢٢ و٤٨)
3. اقتطاع ٢١% من منح التعليم التي هي حق مكتسب للأساتذة بالقانون (المادة ٩٤) والتدرج بالاقتطاع من موازنته للسنوات القادمة تمهيدا لإلغاء خصوصيته وبالتالي إلغائه. ولقد تبين من الموازنة العامة بأنه تم اقتطاع مبلغ ٣.٥٥ مليار من موازنة صندوق التعاضد (صفحة ٧١٥)
4. رفع سن التقاعد للحصول على المعاش التقاعدي من ٢٠ إلى ٢٥ سنة مما يحرم نصف أساتذة الملاك من المعاش التقاعدي. (المادة ٩٠).
5. حرمان الأساتذة من ثلاث درجات إضافية تحقيقا للعدالة بين الرواتب. وقد أقرت معظم الكتل النيابية بأحقية هذا المطلب بتوقيع ١٠ نواب يمثلونها على اقتراح القانون المعجل المكرر المسجل في مجلس النواب تحت الرقم ٢٠٦/٢٠١٨ والذي يعطي الحق بالثلاث درجات. خاصة بعد أن بقيت فئة الأساتذة الوحيدة التي لم تشملها أية زيادة في العام ٢٠١٧. لماذا لم يدرج هذا القانون على جدول مجلس النواب منذ سنة ونيف؟
6. عدم إقرار مشروع القانون رقم ٥١٢٠/٢٠١٠ الذي أحالته الحكومة سنة ٢٠١٠ إلى مجلس النواب. وهو قانون ينصف الأساتذة المتقاعدين وما يزال قابعا في مجلس النواب منذ ٩ سنوات.
7. تفريغ الجامعة الممنهج تدريجياً من كوادرها حيث بات عدد أساتذتها في الملاك أقل من ١/٦ من مجمل أساتذتها بعد أن فاقت نسبتهم ٨٠% في بداية التسعينات. ولا أفق لتفرغ جديد ولا لدخول أساتذة متفرغين للملاك خاصة بعدما حكمت المادة ٧٨ من الموازنة العامة بعدم التوظيف لمدة ٣ سنوات.
يضاف إلى كل ذلك ما تعانيه الجامعة من تدابير مجحفة وإهمال كوقف العمل بإنشاء المجمعات الجامعية منذ العام (loi-programme) وسكن الطلاب والملاعب اللائقة والإبقاء على الأبنية المهلهلة المستأجرة بمبالغ عالية تقدر ب ٢٠ مليار ليرة سنويا.
نسأل المسؤولين إذا ما كانوا يعرفون بوضع الطالب في الجامعة اللبنانية المحروم من أبسط حقوقه الحياتية.
نسألهم إذا ما كانوا يعرفون بأن الجامعة لم تنشأ ولم تتطور إلا بالإضرابات والاحتجاجات. وما زالت كذلك حتى الآن إذ أنها لم تدرج يوما تلقائيا على جدول أعمال السلطة.
نسألهم إذا ما قرأوا توصيات مؤتمر الأونيسكو للعام ١٩٩٧ التي وقع عليها لبنان والتي تحدد حقوق وواجبات هيئات التعليم العالي والسياسات التي يجب اتباعها تجاه هذا التعليم؟
نسألهم إذا ما قرأوا أو سمعوا عن أن الاستثمار بالعقول والإنسان والتربية هو أول الخطوات التي يجب اتخاذها لحل الأزمات ولدفع التطور والنمو الاقتصادي والثقافي. وهو استثمار يختلف تماما عنه في المقاولات والتعهدات.
ختاما، نقول لهم بأن المعيب هو بانتهاج سياسة تدميرية للجامعة التي تحتضن ٨١ ألف طالب و٧ آلاف أستاذ و٤ آلاف موظف ومدرب. ونتمنى أن تؤدي جهود معالي وزير التربية واتصالاته بمختلف المسؤولين إلى تحقيق مطالب الجامعة وأهلها وإنقاذ العام الجامعي التي تتحمل السلطة مسؤولية مصيره كما تتحمل مسؤولية الإضراب، وهي التي أخذت، ليس فقط الطلاب رهائنا، بل الجامعة كلها.
….
يوسف ضاهر
رئيس الهيئة التنفيذية لرابطة الأساتذة
المتفرغين في الجامعة اللبنانية
بيروت في ١٣/٦/٢٠١٩