هيركات ثوري بديل سمير دياب

هيركات ثوري بديل
سمير دياب

تتعدد مظاهر الأزمة العامة اللبنانية في الاقتصاد والنقد والمال والعمل والصحة والتعليم والمعيشة..الخ، والمنشأ،يعود إلى أصل المرض المتمثل في النظام السياسي –الطائفي واقتصاده المشوه، والغياب الكلي لفكرة بناء الدولة الوطنية وخططها وبرامجها.

اليوم، وبعد سجالات ونقارات وزعل وإنقسامات استقرت الأمور أخيراً على “أهون الشرين” عبر توافق الأغلبية البسيطة لدى المتحكمين بالقرار على حكومة أسموها تكنوقراطية. لكنهم رسموا لها الخطوط الحمراء، والدوائر الممنوعة من المساءلة أو التفكير بتجاوزها كونها دوائر محظورة جداً تمس مصالح أصحاب السلطة والمال، الذين لا يريدن، أو، ليسوا بوارد تعديل أمزجتهم والتفكير بالإصلاحات الجدية المطلوبة لمعالجة جذور الأزمة، أو المتفرعة عنها.

وبالعربي الفصيح، فإن الاطراف الموالية ومعها الأطراف السلطوية المعارضة، هم في الخندق ذاته يدافعون بالتكافل والتضامن عن امتيازاتهم ومصالحهم، ويمارسون الاحتيال على الشعب وانتفاضته. ويتقنون فنون الدراما السياسية المتقدمة بأشواط على الدراما السينمائية، حتى، ليعتقد البعض أن البكاء الدرامي على صحة الفقراء وأموالهم المنهوبة وأوضاعهم الاجتماعية والمعيشية في هذه الظروف الاقتصادية والصحية القاهرة تشكل أرقهم اليومي.

فأحياناً، ومن قلة العمل، وكثرة الفراغ والضجر، تستمع لتصريح النائب فلان فتعتقده كأنه “البيان الشيوعي”، وتستمع لتصريح زميلته فيمر بمخيلتك حديث لروزا لوكسمبورغ، ويفقع نائب ثالث بياناً تحس أنه يزايد على تشي غيفارا.على شاكلة هكذا تصريحات، تهدأ النفوس قليلاً، في زمن النضال الإفتراضي، والتضامن عن بعد، بسبب وباء الكورونا والحجر الالزامي ومنع التجول. ويعيش 99% من الشعب اللبناني لحظات من الإطمئنان تشعره بأن هناك من يحمل على عاتقه همومه، ويعمل على تحويلها إلى قوانين تشريعية تعود بالفائدة على المصلحة العامة.

ليبدأ حلم إنتظار جلسة مجلس النواب التي تقررت بعد طول إنتظار ، والمنعقدة في قصر الاونيسكو في 22 و23 نيسان الحالي، والتي لا بد من أن تكون جلسة تاريخية مفصلية للبدء بمعالجة الأزمة الاقتصادية والنقدية والمالية والاجتماعية، والتي حكماً ستسفر عن إنشاء محكمة عادلة لمحاسبة ومعاقبة كل من سولت له نفسه مد يده على المال العام، أو هرب أمواله المنهوبة، أو هدر قرشاً واحداً من أموال الخزينة العامة.
لكن “ما كل ما يتمناه المرء يدركه” . حيث إنتهت الجلسة النيابية الدرامية على تشريع “القنب الطبي” أو”الحشيشة”باللغة الدارجة، لإلهاء الناس، وتطيير باقي البنود التشريعية الاساسية التي تحاول المس ولو بشعرة واحدة من هذا الفاسد أو ذاك الحرامي على الاطلاق… ورفعت الجلسة.

الصدمة الجديدة، يعني العودة إلى الواقع. والواقع هو أصل الوباء المتفشي في النظام السياسي –الطائفي القائم، لنكتشف بسرعة الحلم، مدى سذاجتنا في تكرار افتراضنا، أنه، وربما، أن الطبقة السياسية الحاكمة، قد تقوم، يوماً، ولو لمرة واحدة، بدورها التمثيلي الحقيقي إلى جانب شعبها، وتنحاز إلى قضية ما من قضايا حقوق العمال والكادحين والفقراء.. لكن “الماء تكذب الغطاس”.

قد يقول البعض، أن اصابع اليد مختلفة، للدلالة على التمييز السياسي بين هذا الفريق أو ذاك. ولو افترضنا جدلاً من دون نقاش، بأن الطبقة الحاكمة مختلفة عن بعضها، أو، مختلفة مع بعضها البعض، لكن أين يبرز هذا الاختلاف؟ وكيف؟ وكيف يترجم اقتصادياً واجتماعياً؟ وعلى ماذا الاختلاف ؟.. طالما كل طرف يستر على الطرف الآخر، حتى، لو لم يكن شريكاً معه. لتسود نظريات ” مرقلي لمرقلك” أو ” لا نستطيع بسبب دقة المرحلة السياسية والأمنية المرتبطة بالظروف الاقليمية والدولية”.. نظريات أوصلتنا عبر تعاقب الحكومات من تسعينيات القرن الماضي لغاية اليوم، إلى إنتشار وباء والفقر والعوز وصلت إلى نسبة 99%. اما النظرية السحرية فتبقى ” التعايش الطائفي” التي تفعل فعلها بشعبنا الطيب، وتوقعه في فخ هلوسات ” نبتة القنب الطبي” كل مرة بعد مرة. خاصة، عندما تجهد الطبقة الحاكمة لإنعاش عروق طوائفها، وتتعهد للرعايا ” بشيل الزير من البير” عند كل استحقاق إنتخابي، ليتخلوا عن دورهم الوطني لحظة المحاسبة والمساءلة في صناديق الاقتراع الانتخابية. لتفوز هذه الطبقة كل مرة بنفس الحيلة، وتبدأ مجددأ بجلد رعايا الوطن.

شعبنا مريض صحياً واجتماعياً وسياسياً من دون كورونا. وشعبنا مأزوم نفسياً قبل الحجر الصحي.
فكيف يشفى من أمراضه؟

إن اللقاح الوحيد المتاح ، ومن أجل الشفاء التام، يكمن في أن يثور شعبنا بعماله وكادحيه وفقرائه.. وبقواه السياسية الوطنية ونقاباته وقطاعاته المستقلة.. ويطبق الهيركات (قص الشعر على الناشف) ضد تحالف النظام السياسي – الطائفي – المالي. ومافياته. قبل أن تصل هندسة الطغمة المالية إلى جعل قيمة الحد الادنى للأجور ما قيمته شهرياً 50 دولاراً، وما دون.
وأي فرد أو طرف سياسي في هذا التحالف يعتبر نفسه مختلفاً عن هذه المنظومة، فليبادر فوراً إلى الإستقالة من المجلس النيابي ويقف إلى جانب ثورة الخبز والكرامة والعدالة الاجتماعية.

23/4/2020

عن Fenasol123

شاهد أيضاً

بيان صحفي صادر عن الإتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان ( FENASOL )

عقد المكتب التنفيذي للاتحاد الوطني لنقابات العمال والمستخدمين في لبنان اجتماعه الدوري برئاسة رئيس الإتحاد …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *